الأحد، 25 أكتوبر 2009

الأيمان والتجربة (4)




                                          الموقع ألنجليزى المقابل   www.shortstoriesp.blogspot.com
ومضت سنوات حياته مليئة بالومضات ، ففى يوم يمرض فيه الطفل ويظل طيلة الليل يقوم بعمل الكمادات له، ويطمئن على أرتفاع أو أنخفاض درجة حرارته ،ويصلى معه ولأجله. وعرف أن الله أراد له أن يستثمر وقت رعاية الطفل الطويلة بما لا يقارن بوقت أى أب مع أبناءه، حتى يغرس فيه أفضل ما يتمناه ، وكانت الكنيسة عونآ ، فاليها كان يلجأ الصغير حبآ ، ليقضى وقته الذى ينشغل فيه الوالد عنه بالعمل ، كما عرف الحب لدراسته ومدرساته اللآئى أصبحن يمثلن الجانب المضىء فى المرأة الأم بالنسبة له ، وكانت حصيلة كل ذلك التفوق والتقوى، وأما الأب فقد كان يسره يومآ بعد يوم تقارير ابنه الدراسية ومراجعته للدروس مع ابنه ، لقد أكتشف أنها بركة أن يتعرف على الجديد فى المناهج الدراسية عما كان يوم طفولته، ليستوعبه حتى يلقنه لأبنه ، ولم يكن أحد من أصدقاء السيد س يعلم شيئآ عن معاناته ، فقد كان له فلسفة فى ذلك كان يرى أن كل واحد لديه متاعبه الخاصة التى لا يحتاج معها أن يثقله أحد بالمزيد .
ويوم كان ابنه فى السنة النهائية فى أحدى الكليات كان س يبحث عن الطريقة التى بها يجد عملآ لأبنه بعد تخرجه ، لكن ابنه فاجئه ذات يوم بأنه وجد عملآ ، وهو يود أن يمارسه قبل التخرج لأن هذا العمل يحتاجه وهو فى حالته الراهنة ، وكان مرتبه من هذا العمل الذى يتيح له الفرصة للذهاب لأمتحاناته النهائية يفوق دخله هو، وبدأ الولد رحلة العمل والترقى والزيادة ، وأحب ومضت الحياة معه تقدم أغلى جائزة لأب أما ص فهى كما هى ، أو كما أحبت أن تكون ،لا علاقة لها بشىء ، مسكينة هى ، لم تسعد بجهد لم تبذله حتى لو كانت تتفاخر به ، وبدأت تفقد حبيباتها واحدة تلو الأخرى فلقد نظم الله الزواج رباطآ دائمآ ، لم تترك فى هذه الديمومة رصيدآ يعينها على السعادة به ، واستخدم س وقته الذى كان من قبل ينشغل فيه عن مأساته برعاية ابنه، فى التزود بالدراسة ومتابعة التطور العلمى العصرى ، فجلب لنفسه التوفيق والمزيد من الرضى علي نفسه .
أن الأدب والفن عنصرين هامين يؤديان لرقى المعارف والأحاسيس الأنسانية ، لكن عيب أولادنا أنهم لا ينتبهون لما يحمله هذان العنصران لمثلهم العليا من المزيد من الفانتازيا أو التصورات الجمالية المبالغ فيها ، والفانتازيا تقوم أساسآ على المبالغة ، فيشب الشاب أو الشابة والأحلام الوردية فى كيانه ، فأذا صدمه الواقع فهو يظن أنه مظلوم وأحساسه بالظلم ينشىء ثورة فى أعماقه ، تحرمه من الرضى والسلام الداخلى فهو يريد أوهامه ولا يرضى بغيرها بديلآ ، وما يظنه من رفضه للواقع أنه سيحقق له الرقى ، يصطدم بالعكس فى نهاية المطاف ،لأن الغائية أو الهدف الذى سعى ورائه ليس حقيقيآ ، بل هو يسكن خياله ، فهو يتعب نظير لاشىء ، ولو حقق الرفض للواقع شىء فأنه يسلبه أشياء ويبقى قول الرب "قال لهم ان موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم.ولكن من البدء لم يكن هكذا".
أن وصايا الله لم يصرح بها لبنى البشر لأنها تضيف أمتيازآ يحصل عليه الله من طاعة الأنسان لوصاياه ، وأنما الذى يحصد ثمارها هو الأنسان فأن أطعت سعدت وأن لم تطع فأنت تعيش أوهامآ سوف يصدمك الواقع بها بعد أن يمضى بك الزمن .
" الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالأبتهاج . الذاهب ذهابآ بالبكاء حاملآ مبذر الزرع مجيئآ يجىء بالترنم حاملآ حزمه " مزمور 126 عدد 5،6.
يمكنك التعليق                                       ق.جوزيف المنشاوى

ليست هناك تعليقات: