الاثنين، 29 أغسطس 2011

فى ساحة القضاء

كان الأمس يومآ طويلآ شاقآ ، قصدت فيه البعيدين عن صخب المدينة وخيلائها ، ممن تركتهم الكنائس المكتظة المترفهة ليموتوا نفيآ فى مستنقعات فقرهم المدقع ، عدة عشرات من الكيلو مترات من بيت ألى آخرعبر دروب ضيقة و زراعات أو أراضى فضاء متناثرة ، لكى تصل رسالة الخلاص لكل نفس ، كل مرة كنت أذهب أليهم كانت تحين لى العديد من الفرص ، من خلال مواقف تمر فى حياتهم ، نفذت من خلالها تلك الرسالة أليهم .
ووسط أحدى الزراعات المتناثرة بين زيارتين خطر لى صورة من صور محاكمات الرئيس السابق أو أعوانه - كنت قد لمحتها من أيام سابقة على نحو عابر من التلفاز - وأهملتها من خاطرى لأعد فكرى للزيارة المرتقبة.
وبنهاية اليوم وصلت المنزل وتتابعت طقوس المساء ، النت ، الأستحمام ، الطعام الجسدى والروحى وكان من رسالة بطرس الرسول الأولى الأصحاح الرابع ، ولمع فى خاطرى ذلك القول " لأنه الوقت لأبتداء القضاء من بيت الله "،كان المعنى واضحآ فهو يؤكد على وجوب ممارسة المؤمن للنقد الذاتى لذاته حتى تتطهر رسالته من كل ما يعيق الخدمة من المآخذ التى يمكن أن تصدر من المؤمن بوصفه واحدآ من بيت الله وتهيئت للصلاة ثم نمت .
كانت ساحة رهيبة للمحاكمة تلك التى رأيتها فى منامى ، أصوات تصرخ وتولول ، وطرقات متتابعة من آن ألى آخر تصدر من المنصة ، والساحة ليس فيها من المحامين ولا من الشهود أحدآ بل هى عبارة عن قفص حديدى كبير .
 وفى مقدمة الجلوس المرتعبين كان العديد من رجال الدين المعروفين فى تاريخ الأمة ، يرتدون ملابسهم الرسمية ، ولكنها كانت بالية مهلهلة ، لم أجد على رؤوسهم تيجانآ بل ربما كشفت الرأس عن صلعة أو شعر أشعث .
 وخلفهم يجلس بعض التابعون من المعلمين الذين كانوا يرتدون السواد - وللحق فقد كانت هذه هى مناسبته المثلى - ، كانوا يرتجفون خوفآ ،  ويتميزون غيظآ من أولئك الجالسين فى مقدمة المتهمين ، وكنت تسمع منهم همهمات تدل على شجار وعراك تم بينهم من لحظات سابقة على أنعقاد المحكمة ، وكما فعل آدم قديمآ عندما أزاح التهمة عن نفسه بقوله " المرأة التى جعلتها معى هى أعطتنى فأكلت " كانوا يشيرون على هؤلاء ، بينما كان يشير الجالسون فى المقدمة ألى كتب قديمة متآكلة يبدو عليها أنها من بين الآثار والمخطوطات .
وكانت أكثر الكلمات وضوحآ ، مما يمكنك سماعه وسط الجلبة ، هى جملة "هذا هو المجرم".
آه  ، يألله ، ألا تزال فيهم نفس الطبيعة ، ألم يتمكن الموت من محوها من قلوبهم ،  الآخر هو المجرم ، الآخر هو المستحق للدينونة ، ألا سحقآ للآخر ذلك هو سر الشر والبلاء ، وأساس الفساد والخطية .
 ومن المنصة كان يصدر من حين لآخر ذلك القول " هل قلت أنا ؟ " ، "هل أمرت أنا ؟ " وفى نفس الوقت يتداول المتهمين الأشارة لبعضهم ولتلك الأوراق !!!!
وقبل يقظتى وأنا بين النوم واليقظة وجدت وجدانى يردد .
 تركوا وصايا الله ، وتدخلوا فى غير شئونهم ، شرعوا سيوفآ سلطت على رقاب تابعيهم ، أشادوا أسوارآ عالية من العراقيل التى وضعوها أمام المؤمنين .
 نعم هل قال ؟؟؟ هل أمر ؟؟؟ .
أذآ لماذا تقولون ولماذا تأمرون  ، أشيروا ألى ذواتكم ، ولا تشيروا على الآخرين ، فأنتم المدانون ما دمتم ترددون تلك الأوامر الفارغة ، تلك اللوائح المبتدعة .
نعم أنتم المدانون .



ملحوظة قراءات كتابية
بطرس الأولى 4 : 12 - 19 "أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ، 13بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ. 14إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ. 15فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِل، أَوْ سَارِق، أَوْ فَاعِلِ شَرّ، أَوْ مُتَدَاخِل فِي أُمُورِ غَيْرِهِ. 16وَلكِنْ إِنْ كَانَ كَمَسِيحِيٍّ، فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ مِنْ هذَا الْقَبِيلِ. 17لأَنَّهُ الْوَقْتُ لابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ. فَإِنْ كَانَ أَوَّلاً مِنَّا، فَمَا هِيَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ؟ 18وَ«إِنْ كَانَ الْبَارُّ بِالْجَهْدِ يَخْلُصُ، فَالْفَاجِرُ وَالْخَاطِئُ أَيْنَ يَظْهَرَانِ؟» 19فَإِذًا، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ، كَمَا لِخَالِق أَمِينٍ،فِي عَمَلِ الْخَيْرِ.
كورنثوس الأولى 11 : 27 - 33 "
إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ. 28وَلكِنْ لِيَمْتَحِنِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَهكَذَا يَأْكُلُ مِنَ الْخُبْزِ وَيَشْرَبُ مِنَ الْكَأْسِ. 29لأَنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بِدُونِ اسْتِحْقَاق يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ، غَيْرَ مُمَيِّزٍ جَسَدَ الرَّبِّ. 30مِنْ أَجْلِ هذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى، وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ. 31لأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا، 32وَلكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا، نُؤَدَّبُ مِنَ الرَّبِّ لِكَيْ لاَ نُدَانَ مَعَ الْعَالَمِ. 33إِذًا يَا إِخْوَتِي، حِينَ تَجْتَمِعُونَ لِلأَكْلِ، انْتَظِرُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.
سفر التكوين 2 : 11 ، 12 " " فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ».

د.ق. جوزيف المنشاوى